وثالثنا الزبّاية -بقية نصائح التعس-منصور

كان منصور يوغل فى نصيحته وانا اوغل فى الشرود, يستفتح على بنفسه الشقية ,يخاطب وحشا مقيدا بداخلى يخبرنى ان النفس البشرية متسلطه فيداعب الشيطان الغرور الذى يهوى كسر نفوس المتسلطين ,يثبت لى بالدليل وببرهان عبقرى ان لاشئ سيبقى منى الا جسدى اذا عشت كسيد مهذب اوافق على ما يوافق الناس عليه حتى ولو كان هذا التوافق خاص بتركيب مرايات فى مدخل العمارة. يجب ان يكون لك موقف عنيف ولو لمرة واحدة.
على ان وسط شرودى المحموم ونصيحته المسهبة كان طارق الزبّاية الذى انضم الي جلسة معلمه المهيبة يبدى بعض التبرم من الجحيم الذى يريد منصور ان يفتحه ابوابه على العبد لله وهذا من وجهة نظره .
وللحق فالزبّاية كان يقول هذا وهو غير حسن النية على الاطلاق اعرف هذا فى صوته ويعرفه منصور ايضا لم يكن طارق يعترض على نصائح معلمه لانه يريد لى خير الزاد من التقوى وحسن الخلق ولكن ليثبت لى ولمنصور انى شخصا لست املك ذلك النوع من الكفاءة الذى يمكننى من دحر هذا النوع من الصعاب الذى يعتمد فيما يعتمد على قسوة القلب قهو يرانى استاذ بكل ما تحمله الكلمة من معانى سيئة.
ولما كنت اعرف ان من فضلة القلب ينطق الللسان كما قال سيدنا سليمان فقد كان لسان طارق يقطر سما لو طال فدان منزرع لاستحال ارضا بوار ولقد كنت اهم بمجاراته واستعد لعصر بعض السم الموجود فى قلبى لاقطر منه بعضا على جروحه عندما لاحظ المعلم منصور صمتا باديا فى وجهى مصحوبا باحمرار عينى دليلا على ان الشر يستعد ليقفز من لسانى
فقطع الصمت واستعدادى ملتفتا لطارق بمنتهى اللامبالاة
القعدة لازمها حاجة تبل الريق يا طارق
خد الموتوسيكل وانزل هات سوبيا من الرحمانى
القى امره كما يليق بمعلم والتفت الىّ غير ملقي البال للاهانة التى شعر بها الرجل الذى تلقى الامر
وانصرف طارق
وانتبه منصور فى جلسته قائلا لى
ياباشا عيل زى ده ميخرجكش من طورك
لو رديته عليه تبقى نزلت لمستواه
قولت وانا تعجبنى بديهيته:ازاى يا معلم اتهزق واسكت؟
يقول: معاش ياباشا اللى يهزقك
اقول شاعرا بالتقدير لمنصور: تعيش يا معلم
يقول : دا عيل زبالة كان عايزك تمشى ورا كلامه ويجرجرك تثبت انك تقدر تعمل كل حاجة بالكلام لغاية ما يصغرك فى عينى وقدام نفسك
دى عيل وسخ وانا اللى مربيه
اقول ضاحكا عاشت التربية يا معلم
يقول متقبلا النكته وضاحكا :نصيحة تانية متخليش اى حد مهما كان يجرك لسكته لان هو ادرى بيها
اقول معجبا حقا بحكمته: صح يا منصور
وبينما منصور ذهب لدورة المياه مستئذنا بادب يجعلك تتعجب كيف يبدأ الرجل طريقا وعندما يصل لمنتهاه يجد انه اصبح رجلا اخر ومفكرا ايضا كيف كرهنى طارق الزبّاية الذى عرفنى به منصور ذات مساء شتوى بارد فى حجرة مبنية من الحجر القديم فى الحطابة بينما كنا نستدفئ بفحم ملتهب فى منقد فخارى ودخل طارق فقال منصور:
دا طارق الزبّاية يا باشا
فضحكت غير مستوعب الاسم وانتقلت عدوى الضحك لكل من كان فى الحجرة رغم انهم يعرفون اسمه مسبقا وتغير وجه طارق وماهى الا لحظات حتى همس فى اذن منصور وانصرف مستعجلا وحافظا شعورا بالكره تجاهى لا لشئ الا لانى ضحكت
وطارق كما هو مشهور فى منطقته على عكس معلمه يستحق لقب الندل وليس اللقب الذى يحتفظ به الان ولكن منصور وهو الذى أطلق عليه الزباية لسابق حادثة تخصهما فقط كان هو بطلها مع طارق ولم يفصح عنها لاحد حتى الان واستكبر المعلم ان يكون لصبيه لقب الندل فهذا مما يجرح رجولة رجل اصبح ينتمى اليه
ورغم جمال طلته ورشاقة جسده الا انه احتفظ باخلاق ضبع لا يطعن الا فى الخلف يستذل الرجال بصيت معلمه فى المنطقة متحجر القلب وأورثه هذا علة فى العقل تجعله يسقط مصروعا بين حين واخر ولا يستطيع ان يفك صرعه الا منصور ببعض التمتمات فى أذنه لا يعرفها ايضا الا منصور الذى على الرغم من اختلاف طباع طارق عنه وكبر الفاصل الزمنى الا انه كان يعتبره اخا دونا عن كونه صديق لدرجة انه عندما هبط بعض بلطجية البساتين على طارق فى يوم جمعة وقت صلاة الجمعة وانهالوا عليه ضربا وهرب منهم وفر منهم هاربا ليخرج معجونا بدمائه امام المسجد الذى كان منصور يصلى فيه -رغم كل ما اشتهر به منصور الا انه لم يتخلى عن صلاة الجمعه والفجر جماعة كما اوصته امه-وبجهالة تفوق ما كان لدى ابوجهل صرخ موقفا الخطبة ومصرا ان ينادى من ميكرفون الجامع على رجاله الراقدون فى بيوتهم فى هذا الوقت ليشن هجمة عرفتها انا فيما بعد وانا اؤرخ لمنصور بغزوة عين الصيرة لان اشد الرجال قسوة الذى قاد بقية بلطجية البساتين كان من عين الصيرة. ونال الشقى من الدروس والعبر ما يستحق باقيا كأسير فى الخليفة فى ذات الحجرية الصخرية المتوحدة مدة ثلاثة ايام لم ينهى اسره الا مصالحة حفظت لمنصور هيبته واعادت لطارق جزءا من كرامته .
افيق من افكارى على صوت منصور يعود بعد ان خرج من بيت الراحة
يقول:سيبك بقى من طارق انت لازم تعمل منكش فى العمارة ومش هاقولك تعمل ايه انت ادرى بظروفك بس اللى عايز اقولهولك ان لو هتعمل اى حاجة تبقى على باب شقتك ياباشا يعنى تستنى اول زبون يطلعلك وتعمله عبرة عشان يبقى الحق معاك.
ابتسم شاكرا نصيحته واقول: سيبها لله يسويها من لا ينام
يقول: ونعم بالله
وانطلق يحكى عن اخر مغامراته حتى اخر الجلسة التى غادرتها فى مايقارب الساعة الثالثة صباحا منتشيا من اثر هواء مندفع يدخل من شباك الميكروباص الذى يقودنى للجيزة من ميدان السيدة عائشة اصل الفجر لبيتى استحم اأوى لفراشى مستعذبا لحظة ندية بعد الفجر مباشرة مرهقا من السهر ومنتظرا ان استيقظ باكرا لاصلى الجمعة
++++++++++++++++++++
استيقظ مفزوعا على طرق هائل على باب الشقه فأنا احتفظ بعادة سيئة وهى اغلاق الكهرباء الموصلة لجرس الباب اثناء نومى
اقوم وجلا
اجرى للباب حافيا
مشوش الذهن منكوش الشعر
متعريا نصفى الاعلى وساحبا تيشرت فى يدى لالبسه
افتح الباب اجد رجلا يصرخ
اسمعه ولا افهمه
ا ركز قليلا ,البس التيشرت ,
ابدأ فى الاستيعاب
يقول هذا الرجل الذى هو جارى فى الدور الثامن
انه وجد بقايا تجهيز شقق امام باب شقته
اركز اكثر
يتهمنى انا -اتذكر انى انتهيت من التجهيز وانى انزلت كل شئ يخص اعمل التشطيب من شقتى منذ شهرعلى يد اثنين من اشاوس الصعيد لقطعة فضاء فى الشارع وتكلفت مائتين جنيه-
اعصابى تتزلزل تحت وطأة صوته العالى ونبرته المهددة
يتراقص فى عقلى شبح لصورة منصور وهو يقول
"يعنى تستنى اول زبون يطلعلك وتعمله عبرة عشان يبقى الحق معاك"
افقد السيطرة على اعصابى
منصور يضحك بداخل عقلى
شيطانى يستيقظ بعد سبات
ضاحكا يقول: جاتلك لحد عندك
اجدنى اجذب الجار من رقبته والقيه فى قلب شقتى وانا صامت
يعتدل منصور جالسا فى مخيلتى وبجواره طارق يبدو متحفزا لى– ويقهقه الشيطان
ويعلو صراخ جارى فى الريسيبشن
ولكن هذه المرة مفزوعا يصرخ


8 comments:

TAFATEFO Saturday, July 11, 2009 6:49:00 PM  

استمتعت جداً جداً

TAFATEFO Saturday, July 11, 2009 6:51:00 PM  

حبيت أوي الأسلوب ونصائح منصور .. اللي أنا محتاجها فعلاً .. ناقص بس تنسيق للنص

TAFATEFO Saturday, July 11, 2009 7:09:00 PM  

والريأكشنز ناقصها رائع

الكلمة نور Saturday, July 11, 2009 7:36:00 PM  

شكرا يا درش
3 تعليقات خبطة واحدة؟

أميرة Saturday, July 11, 2009 9:24:00 PM  

بتتنطق ازاي بتاعت طارق دي ؟؟

الحاجة الوحيدة اللي اوافقكم عليها حكاية ان الناس اللي جوة الشقق في مناطق فاخرة مش شرط تكون اخلاقهم عالية ولا فوق المتوسطة حتي !!

بس سؤال صحيح
هو خلاص مبقاش حد يعرف ياخد حقه ولا حتي يدافع عن نفسه من غير ما يظلم ولا يتظلم ؟

الكلمة نور Saturday, July 11, 2009 9:34:00 PM  

لا تنطق ولكن تسمع ولا يجب تكرارها


المنطقة مش فاخرة دى نص شعبية والبرج والمنطقة ناس وسط يعنى

اقولك ايه بخصوص سؤالك مش عارف بس دايما ربنا موجود
وهو اللى بيجيب الحقوق احنا بس بنتورط

أميرة Saturday, July 11, 2009 9:51:00 PM  

معلش الجهل وحش ..مكنتش اعرف انها وحشة :(
الواحد بيحط روحه في مواقف وحشة اوي قدام الناس ..

انا قصدت قصة ان الشقق وما تحوي من مظاهر شكلية لاصحابها او موقعها .. لا تنم باي حال من الاحوال علي اخلاق ساكنيها
كان في من قريب بنت باعته لبريد الجمعة علي ما افتكر بتقوله ان العرسان بيطفشوا علشان هي ساكنه في منطقة شعبية اوي وجيرانها مش كويسين مع ان البنت برة الوسط دا الكل بيشهدلها بحسن الخلق .. يعني المكان مش مقياس لاي حاجة لا بخير ولا شر ..ولا الوظيفة ولا العيلة ولا اي حاجة .. كل واحد بنفسه شاهد علي نفسه


ربنا مفيش اكرم منه .. و اكثر ما يطمئن كل ذي الحق .. ان ربه هو الحق

الكلمة نور Saturday, July 11, 2009 11:03:00 PM  

ومن الجهل ما ستر

طبعا ربنا موجود عشان يسترها معانا مهما المادة عمتنا
انا ممكن ابقى زى الناس اللى تهرب من وضع زى بتاع الاخت للاسف

ربنا يشيل من على عنينا الغشاوة

Powered By Blogger

Popular Posts

عالماشى

لا ترهبوا طرق الهداية أن خلت من عابريها
ولا تأمنوا طرق الفساد و إن تزاحم سالكوها ..
عبد الرحمن الشرقاوى

زوار

Followers

Total Pageviews