سكنت مرة فى غرفة بسطح احد العمارات القديمة بسطح احد العمارات القديمة فى وسط البلد-بشارع عرابى- وكان السطح مكون من مايقرب من 15 حجرة تسكنها عائلات وكان الحمام مشتركا
حجيرة صغيرة تنتصب فى وسط السطح مكونة من باب خشبى وقاعدة من الطراز البلدى
كانت المفاجأة انى عندما دخلت فى اول ليلة للحمام
اضئت النور
خلعت بنطالى
جلست القرفصاء
وجهى مسلط على الباب
فوجئت ان الباب يطلق عليه هذا الاسم بلا مبرر الا التشبه بالابواب
فقد كان فيه من الثقوب ما يجعل قطعة قماش هى اكثر سترا لمن بالداخل
دققت النظر فى الثقوب
وجدت امراءة تجلس امامى
لم تكن تدقق النظر
ولكن وجهها كان للحمام
انتفضت ورفعت بنطالى وخرجت من الحمام مطأطا راسى لا انظر ناحية النسوة المجتمعات ولا يلاحظون ان احدا خرج من الحمام
فكل شئ كان عاديا
ولم ادخل بعدها دورة المياه الا ليلا او فى المسجد ولم استحم الا فى حنفية الغرفة بعد اخلاء مساحة من الارضية من كل المتعلقات التى توضع على الارض
حتى عندما ضبطت زميلى يخرج عضوه من شباك يطل على منور خلفى لبنت تقف قبالته فى ليلة ليلاء وكنت مصرا على القائه من نفس الشباك الذى مارس فيه فضيحته
وعندما اصبح صوتينا اشبه بصوت حرب فى غرفة مغلقة
واستدعى هذا تدخل علاء جارنا الذى يقطن مع ابويه واخين فى حجرة مجاورة
لم اجرؤ على تعليل سبب هذه الحرب الضروس رغم بعض كدمات الوجه فى الجانبين
ورغم كل هذه الضجة وهذه الفضيحة من وجهة نظرى
فلم تفارق البنت مكانها فى الشباك
حتى لم تتحرك قيد أنملة
اتذكر كل هذا وانا استعمل اليوم حمامين ولم اعد احب حتى المرور من شارع عرابى حتى انى قاطعت ساندوتشات "الدمياطى" ولم اعرف لماذا اتذكر هذه الايام الان رغم انها تكاد تكون ممحوة من ذاكرتى حتى انى لا اكاد اصدق الان انى عشت هذه الحياة وتحت اى سبب اضطررت ان اعيشها؟
كل ما اذكره الان انه فى مثل هذه الايام
هجم علينا قوات من الداخلية ليلا
وجمعت كل من كانوا فى السطح عن بكرة ابيهم
استيقظنا بطرق عنيف
سالنى الضابط انا وشريكى عما نفعل فى هذه الغرفة
رددت ببلاهة: نايمين يا باشا
طب تعالوا معانا
ارتدينا ملابسنا
نزلنا لنجد ميكروباصين ممتلئين بكل الجيران
نظرت لداخل الميكروباص
وجدته ممتلئا فتأففت من الركوب
زغدنى مخبر فى كليتى وقال: ادخل سابع ورا جنب زماليلك
اضحك الان والجملة تتردد فى عقلى ولكنى وقتها دخلت وجلست فى الكرسى الاخير وكان كل مايشغل تفكيرى كيف سينتهى كل هذا؟
دخلنا قسم الازبكية
طمئننا بعض الطيبين من الجيران
اخبرونا لا تقلقوا
دا العادى وكل سنة الداخلية بتقفل عدد معين من المحاضر بالطريقة دى
قالوا ايضا :ان بالسطح ان بعض الغائبين لظروف العمل عن السطح سيعودون الان وسيأتون بالمحامين
اطمئننا قليلا
ولكن دخول الزنزانة كان الامر الاكثر اضحاكا الان ولكنه وقتها كان الاكثر فزعا
صففنا فى طابور
بدأنا الدخول لحجرة واسعة نوعا ما
شديدة الاظلام بها من الروائح ما لا يطاق
ومن البشر ما لايستطيع احصائه الا الله
ثم ومن اثر التدافع سقط رجلا فى الخلف
ثم سمعت صرخة هائلة فى وسط الحجرة لرجل يبدو كان نائما واستيقظ لتوه يقول:
اللى هيدوس على رجلى هاطلع دين امه
تمنيت وقتها ان اطير من على وجه الارض
وبفعل التدافع اصبحت بجوار احد الحوائط
ورأيت صاحب الجملة الشهيرة
كان رجلا فى الاربعينات تقريبا
يرتدى القطعة السفلى من ملابسه الداخلية فقط
ويجلس مسندا ظهره للحائط ومادا قدميه امامه
ولعجبى ورغم الزحام
كان محاطا بهالة من الفراغ تشعرك انه يجلس فى صالة بيتهم
كانت ليلة لم ارى مثلها من قبل وأتمنى ان لا تتكرر ابدا
سمعت فيها من الحكايات ما جعلنى اؤمن من وقتها
ان اغلبيتنا لا يعرف من الحياة الا وجهها الحسن فقط