منذ ثلاثة اعوام لم أذهب للحلاق قضيت العام الاول كله لم يمس شعرى مقص حتى صرت اشبه وحوش الافلام الاسطورية ولولا مسحة التهذيب التى تضفيها علينا المدنية الحديثة والابتسامة المرسومة على الوجه لأعقب دخولى لأى مكان صريخ ونساء واطفال يهرولون ولما تنبهت انى اصبحت اكره منظرى حلقت شعرى بشفرة الحلاقة -موس- واستبدلت التمشيط بالتلميع واهتممت بدرجة اللمعان وقضيت على هكذا حال مدة اربعة اشهر ثم عدت لاطلق شعرى ولكنى ليس عشوائيا اصبحت اقصه فى البيت وعلى يدى ,احدد يوما كل اسبوعين تقريبا لاضيف عليه بعض التعديلات . قد يسألنى سائل واحنا مال اهلنا بشعرك ولا حتى باى حته تانية؟ هاقوله ياعم الموضوع مش شعرى
الموضوع اننى لا احب الحلاقين فعلا انا اكرههم والساعتين اللى باقضيهم عند الحلاق كل شهر هما اسوأ ساعتين فى حياتى رغى رغى رغى ولازم تسمع ولازم تبتسم وساعات لازم تضحك واوقات بيبقى البعيد مستنى نصيحة بإختصار تصبح هناك شفتين قريبتين من أذنىك لمدة طويلة نسبيا وهذا امر مرفوض من حيث المبدأ ولما كان البعد عنه مستحيل -من يستطيع الاستغناء عن الحلاقين- فأنا اتفاخر هنا ان اخر زيارة لى للحلاق كانت فى مثل هذا الوقت من ثلاثه اعوام تقريبا. وانا اتذكر الوقت لان الشيخ الحسن حلاقى الخاص استعملنى امين سر حياته لمدة 5 ساعات تخللها صلاتين (ظهر وعصر)وشجار طويل مع مالك البناية التى يقع بها محله وشجار اخر كان بطله "على" أخوه وشريكه فى المحل مع الجارة التى تعلوهم لانها تركت الماء يسقط على مناشفهم المعلقة فى هواء أمام المحل. يا الله كان يوما من الايام الطوال فى دنياى. فى البدء استغنيت عن حلاق الطفولة المبكرة والمراهقة المولودة حديثا لانه كان مشتركا بينى وبين والدى وكان يملك من الحكايات المملة ما لاينتهى ومن برودة الاعصاب وطول البال مايجعله يسمع منى كل مرة قبل الحلاقة ما اريده من تطويل سالف وانواع القصات الشبابية وقتها ثم عندما يبدأ فى الحلاقة يقص بنفس الطريقة التى اوصاه والدى عليها منذ الطفولة ولانه ايضا كان قصيرا بكرش عظيم وكان هذا يضطرنى للجلوس على الكرسى مرتكزا على ظهرى وليس على مقعدتى مثل البشر العادى لكى يتمكن من ان يرى رأسى وكان هذا"التقاصر الاضطرارى" يجعلنى ابدو للناظر العادى انى انام على كرشه الطاهر
والسبب الاخير الذى برز وقتها بلا سبب- كما برزت نظرية الجاذبية لنيوتين من قلب العدم-انى يجب ان اختلف عن ابى ذهبت لحلاق اخر "صالون الشباب" وهذا صالون من فرط اقبال الشباب عليه الحلاقة عنده بالحجز
قلت فى نفسى طالما بالحجز فلا وقت عنده للرغى وايضا سوف اخرج من عنده "توم كروز " . همست لنفسى هو المطلوب
وتقابلنا فى اول موعد وكان اسوأ شئ حصل فى حياتى بعد واقعة صلاة التراويح بجوار رجل افطر على خليط سحرى من بصل توم
كان شابا ينضح بروائح لا اعرف من اين تاتى تحديدا
من فمه رائحة سجائر-رغم انى مدخن منذ فجر التاريخ الا انى اكره رائحة المدخنين -ورائحة عرق قاتل و الكارثة رائحة يديه
كانت نصف ساعة كابوسية
انتهيت ونزلت من على الكرسى اشبه رجلا ظل يجرى لمدة يومين بلا راحة فى قلب الصحراء الافريقية
نفسى متقطع ودائخ ولا اود النظر فى وجهه ولا فى المرأة فقط اود الخروج من المحل
نقدته خسمة جنيهات كما حددها هو فى جيبه كما هى العادة
-كان مبلغا عظيما ليأخذه حلاق فسابقه كان يحلق لى بواحد جنيه فقط ولأبى بجنيهين ونصف-
اقسمت وانا خارج ان لا اعود اليه لو طال شعرى حتى بلغ الارض وسط ضحك الاصدقاء
وبعد تردد على محلات كثيرة عرفت الشيخ حسن وقت لم يكن شيخا
كان عاديا اسمه حسن حاف وبلا لحية اعجبنى فيه انه قليل الكلام ,متزن, لطيف,متعطر دائما,طويل-لست مضطرا للجلوس على ظهرى-,وايضا كان شاطر فى صنعته وافتتح محله ليس من وقت بعيد
وعرفنى عليه صديق كان لديه مرض يسمى "رهاب الحلاق والموس حامل الفيروس"وهذا المرض اورثته له امه من مبالغتها فى الوسوسة
كان عيب حسن الوحيد انه دقيق مبالغ فى الدقة
تشعر انه يحلق لك بأزميل وليس بمقص
ينحت رأسك
يطابق جانبى جمجمتك بمازروة
يتقصى عن تاريخ شعرك قبل ان يجلسك على الكرسى
وكان هذا براييى عيبا خطيرا ولكن كنت مستعد على تقبله بشرط
ان لا يدور بيننا حوار طوال تلك الفترة الحساسة وان يحاول قدر الامكان ان يقصر مدة عمله معى بالذات وشهدت فترات بزوغ نجم حسن فى عالم الحلاقة وكنت وقتها اصبحت زبون قديم استطيع ان احلق فى اى وقت
وشهدت فترات بداية تدينه
وشرائط عمرو خالد ثم فترات تشدده وشرائط الشيخ يعقوب وعندما اهمل محله وصار يخرج فى سبيل الله كنت انتظر عودته ليحلق لى
سافرت محافظات كثيرة وكنت انتظر العودة لمدينتى لان راسى اصبحت حرام على الغرباء
وقبل واقعة اعتزالى صنف الحلاقين بعام قرر حسن الذى صار الشيخ حسن انه لن يحلق اللحية بعد الان لان امر ينافى صحيح الدين واعلنه قرار بيافطة على باب المحل وفى الكروت الشخصيه الجديدة التى طبعها وقد خوفته وقتها بقلة الرزق نظر لى بتعالى العلرف عن الجاهل ولم يرد بتاتا ولعجبى زاد رواد الشيخ حسن
كل زملائه فى سبيل الله والمتدينين اصبحوا زوار محله
اصبح حسن لا يتوقف عن العمل و توقف عن الخروج فى سبيل الله واصبح محله محط زيارة الخارجين فى سبيل الله
وفى ذلك اليوم المشهود-يوم زيارتى الاخيرة له كان كل شئ مختلف
ذهبت قبل اذان الظهر فبدأ العمل وكان يعانى من نفس الاثر التى تتركه الخمر على التعيس
كان يفضفض وبقوة عن مشاكل عمره ثم اذن الظهر فتركنى بالفوطة على رقبتى وصلى الظهر
دخنت سيجارة وقلت عسى ان يعود هادئ البال وصامت عن الشكوى
فعاد وتشاجر مع صاحب البناية لانه يمارس عليه التضييق لكى يخرج من محله الايجار القديم
ثم عاد ليمارس عمله معى ويشتكى مرة اخرى من صاحب البناية ويحكى اصول المشكلة التى رأيتها بعينى وانا اصلا لا ابالى
ثم تشاجر شقيقه مع الجارة
وادخل المناشف
وحسن يواصل الشكوى من الجارة ايضا ويتكلم كثيرا على غير عادته
ثم جاءه اخ فى الله تحاور معه خارج المحل لمدة نصف ساعة
ثم عاد ليتعامل مع رأسى
وهو صامت هذه المرة وشارد على غير عادته فهو لا يشرد طالما تحت ايده راس
ثم اذن العصر
فاستأذن للصلاة
فلما صلى وعاد
عمل قليلا فى رأسى حتى لاحظت استواء شعرى فخلعت الفوطة وقمت بدون سابق انذار
والتفت اليه ثم نقدته اجرته
وان اقول له بمنتهى الهدوء والتجهم: لو دخلتلك المحل دا تانى يا حسن هاكون داخل اكسره على دماغك انما احلق فيه
عمرها ما هتحصل تانى
ولو شوفتنى ياحسن فى الشارع اوعى تسلم عليا.
مذهولا حسن يحوقل ويبسمل ولا يرد
انتهيت منه وذهبت للبيت
استحممت واقسمت ان لا ادخل صالون بعدها واليوم هو العيد الثالث لهذه الذكرى
الا يحق لى الافتخار؟؟
2 comments:
ياااااه يا نور
دنتا قلبك اسوووود قوى
فين طولة البال يا رجالة ؟!
معلش احنا الحريم قصتنا مع الكوافيرات مختلفة و لو القعدة مطولتش يبقى فيه حاجة غلط ف الموضوع !!!!
تعرف فكرتنى
لما كنت بروح بيوسف
للحلاقين على مدار ست سنين متواصلة
كنت بحدذره قبل دخولنا المحل ف كل مرة
يا يوسف لو عمو سألك عن أى حاجة
تسكت و تبصلى انا اجاوب
عشان محدش يعرف عننا حاجة لو سمحت
و يوسف كان متعاون الصراحة
خصوصا لما الحكاية يصاحبها مصاصة محترمة تقعد ف بوقه النص ساعة بتاعة الحلاقة
كل شهر كنت بغير الحلاق
عشان ميخدش علينا و يرغى بقى
و مع ذلك اغلبهم رغايين
يبدو انه اوبشن ملازم للمقص و المشط
و المراية و الجيل
بس ازاى بتحلق لنفسك؟!!!
غريبة قوى
عموما عودا حميداً
و صنف الحلاقين هوه اللى أولى بيه
يفختر برجوعك
خالص ودى
يا مالك الاجنحة
ازيك يا فاتيما
مافيش طولة بال ولا غيره
كله الا الحلاق
بيبقى مستنى رد وهات وخد
وانا باتعب
باتنرفز
كنت باحلق بمشط مجهز بموس درجات
وساعات بالموس والصابون زى الدقن بالظبط
بس الحر وتكييف الصالون اضطرونى احلق
مساء طيب يا ام يوسف
Post a Comment